Thursday, November 5, 2015

friday sermon

 الشَّبَابُ بُنَاةُ الْمُسْتَقْبَل ِ
الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، أَجْزَلَ لِمَنْ نَشَأَ فِي طَاعَتِهِ الأَجْرَ وَالثَّوَابَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ)([1]). وَقَالَ سُبْحَانَهُ:( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)([2]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ جِيلَ الشَّبَابِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا هُمْ مُسْتَقْبَلُ الْوَطَنِ وَأَمَلُهُ، وَدِرْعُهُ وَحِصْنُهُ، يَحْمُونَ أَرْضَهُ، وَيَبْنُونَ مَجْدَهُ، بِعُقُولِهِمُ الْمُتَفَتِّحَةِ، وَأَفْكَارِهِمُ النَّاضِجَةِ، وَقُلُوبِهِمُ النَّقِيَّةِ، وَسَوَاعِدِهِمُ الْفَتِيَّةِ، وَإِيمَانِهِمُ الصَّادِقِ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرَآنِ الْكَرِيمِ فِتْيَةً لإِيمَانِهِمْ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ:( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)([3]).
وَقَدِ اهْتَمَّ الإِسْلاَمُ بِالشَّبَابِ اهْتِمَامًا كَبِيرًا، فَأَمَرَ بِحُسْنِ تَرْبِيَتِهِمْ وَالْعِنَايَةِ بِهِمْ، لِيُصْبِحُوا مُسْتَنِيرِينَ فِي فِكْرِهِمْ، مُتَمَيِّزِينَ بِسُمُوِّ أَخْلاَقِهِمْ، مُتَمَسِّكِينَ بِقِيَمِ دِينِهِمْ، وَتَقَالِيدِ مُجْتَمَعِهِمْ، أَصِحَّاءَ فِي أَبْدَانِهِمْ، مُؤْمِنِينَ بِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، مُسْتَضِيئِينَ بِنُورِ طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَيُجْزِلَ سُبْحَانَهُ لَهُمُ الثَّوَابَ، وَيُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْحِسَابَ، قَالَ النَّبِيُّ rسَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»([4]). أَيْ: نَشَأَ مُحِبًّا لِلْعِبَادَةِ، مُصَاحِبًا لَهَا، مُتَعَلِّقًا قَلْبُهُ بِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ، مُتَحَلِّيًا بِالْعِفَّةِ، يُرَطِّبُ لِسَانَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأُولَئِكَ اسْتَظَلُّوا بِطَاعَةِ رَبِّهِمْ، فَسَيُظِلُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَا بُشْرَاهُمْ، مَا أَكْرَمَ مَثْوَاهُمْ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الشَّبَابَ الَّذِينَ نَشَأُوا فِي طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَحْرِصُونَ عَلَى اغْتِنَامِ شَبَابِهِمْ، وَيَعْمَلُونَ بِوَصِيَّةِ نَبِيِّهِمْ r الْقَائِلِ :«اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»([5]). فَيُسَارِعُونَ إِلَى طَلَبِ الْعِلْمِ؛ مُسْتَثْمِرِينَ طَاقَاتِهِمْ فِي الْتِقَاطِ دُرَرِ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي تَنْمِيَةِ مَهَارَاتِهِمْ وَقُدُرَاتِهِمْ، وَصَقْلِ خِبْرَاتِهِمْ، لِيَنَالُوا رِضَا رَبِّهِمْ، وَيَتَبَوَّأُوا فِي مُجْتَمَعِهِمْ مَكَانَةً سَامِيَةً، وَرُتْبَةً عَالِيَةً، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ:( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)([6]). أَيْ: بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ([7]).
فَإِرَادَةُ الشَّبَابِ الْقَوِيَّةُ، وَعَزِيمَتُهُمُ الْفَتِيَّةُ؛ مُذَلِّلَةٌ لِلصِّعَابِ الْعَصِيَّةِ، فَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَكَانَ شَابًّا- قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ rأَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ؟». قُلْتُ: لَا. قَالَ:« فَتَعَلَّمْهَا فَإِنَّهُ تَأْتِينَا كُتُبٌ». قَالَ: فَتَعَلَّمْتُهَا([8]).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الشَّبَابَ مُتَفَوِّقُونَ فِي قُدُرَاتِهِمْ وَطَاقَاتِهِمْ، يَمْلَئُونَ أَوْقَاتَهُمْ بِالْجِدِّ وَالْعَمَلِ، وَمَا أَجْمَلَ أَنْ تَلْتَحِمَ هِمَّةُ الشَّبَابِ مَعَ خِبْرَةِ الآبَاءِ، فَيُجَالِسَ الشَّبَابُ كِبَارَ السِّنِّ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَيَتَعَلَّمُوا مِنْهُمُ الْمُثُلَ الْعُلْيَا قَوْلاً وَعَمَلاً، وَيَتَرَّبُوا عَلَى الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ الأَصِيلَةِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنَ الشَّرِيعَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ السَّمْحَةِ، فَيَضْرِبُونَ أَمْثَلَةً فَرِيدَةً، وَنَمَاذِجَ رَائِدَةً فِي تَشْيِيدِ الْحَضَارَاتِ، وَصُنْعِ الإِنْجَازَاتِ، وَيَمْلَئُونَ الأَرْضَ نُورًا وَعِلْمًا، وَجِدًّا وَعَمَلاً، عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ، وَبَصِيرَةٍ مِنْ دِينِهِمْ، يَسْتَقُونَ الْمَعْلُومَاتِ مِنْ مَصَادِرِهَا الصَّحِيحَةِ، فَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى لاَ يُؤْخَذُ مِنَ الشَّبَكَاتِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ، وَلاَ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاِجْتِمَاعِيِّ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنَ الْجِهَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ الرَّسْمِيَّةِ فِي الدَّوْلَةِ، وَالْمَسْؤُولُ عَنْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ، الَّذِينَ أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِسُؤَالِهِمْ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ وَالاِسْتِفَادَةِ مِنْهُمْ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)([9]).
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ([10]).
وَبِذَلِكَ كُلِّهِ يَعْكِسُ الشَّبَابُ الصُّورَةَ الْحَضَارِيَّةَ، فَيَعْتَزُّ بِهِمْ وَطَنُهُمْ، وَيَسْعَدُ بِهِمْ مُجْتَمَعُهُمْ، وَيَقْتَدِي بِهِمْ مَنْ بَعْدَهُمْ.
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: إِنَّ طُمُوحَاتِ الْوَطَنِ مَنُوطَةٌ بِالشَّبَابِ، بِجُهْدِهِمْ وَقُوَّةِ عَزِيمَتِهِمْ، فَإِنَّ الشَّابَّ النَّاشِئَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ؛ أَثَرُهُ كَبِيرٌ فِي مُجْتَمَعِهِ، وَنَفْعُهُ عَمِيمٌ عَلَى أَهْلِهِ وَأُسْرَتِهِ وَوَطَنِهِ، فَهَا هُمْ شَبَابُ الإِمَارَاتِ؛ يَنْهَضُونَ بِعَظَائِمِ الأُمُورِ فِي شَتَّى الْمَيَادِينِ، فَتَرَاهُمْ يُقَاتِلُونَ تَحْتَ رَايَةِ الْحَاكِمِ، وَهُمْ لَهُ مُطِيعُونَ، وَحَوْلَهُ مُلْتَفُّونَ، مَبْدَأُهُمْ طَاعَةُ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَالاِهْتِدَاءُ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ r وَالْحِفَاظُ عَلَى وَطَنِهِمْ، وَطَاعَةُ حَاكِمِهِمْ، وَيَصْنَعُونَ الْبُطُولاَتِ وَالاِنْتِصَارَاتِ، وَيُقَدِّمُونَ التَّضْحِيَاتِ، وَيَسْتَشْهِدُونَ لِتَحْيَا أُمَّتُهُمُ الْعَرَبِيَّةُ وَالإِسْلاَمِيَّةُ عَزِيزَةً مَجِيدَةً شَامِخَةً، قَالَ تَعَالَى:( وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ* وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)([11]) فَيَا لَهُمْ مِنْ شَبَابٍ هِمَّتُهُمْ عَالِيَةٌ، وَأَهْدَافُهُمْ سَامِيَةٌ، يُدَافِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ وَوَطَنِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، يَقِفُونَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَحْرُسُونَ وَطَنَهُمْ، وَيَحْمِلُونَ سَلاَحَهُمْ، يَسْهَرُونَ لِيَنَامَ غَيْرُهُمْ، وَيَتْعَبُونَ لِيَنْعَمَ بِالرَّاحَةِ أَهْلُهُمْ، وَيَتَرَقَّبُونَ لِيَطْمَئِنَّ مُجْتَمَعُهُمْ، لِذَا اسْتَحَقُّوا بُشْرَى رَسُولِ اللَّهِ r لَهُمْ حِينَ قَالَ:« عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»([12]).  
فاللَّهُمْ احْفَظْ شَبَابَنَا، وَبَارِكْ فِيهِمْ، وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)([13]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ دَوْلَتَنَا الْمُبَارَكَةَ جَعَلَتْ مِنْ أُولَى اهْتِمَامَاتِهَا اسْتِثْمَارَ الشَّبَابِ، فَأَنْشَأَتْ لَهُمْ وِزَارَةً خَاصَّةً بِهِمْ، تَقُومُ بِتَوْجِيهِ طَاقَاتِهِمْ، وَتَنْظِيمِ بَرَامِجِهِمْ، وَرِعَايَةِ إِبْدَاعِهِمْ، كَمَا فَتَحَتْ قِيَادَتُنَا الرَّشِيدَةُ لِلشَّبَابِ أَبْوَابَ الْخِدْمَةِ الْوَطَنِيَّةِ، فَهِيَ مَيْدَانٌ جَلِيلٌ، وَعَمَلٌ نَبِيلٌ، يُسْهِمُ فِي تَعْزِيزِ الاِنْتِمَاءِ لِلْوَطَنِ وَالْوَلاَءِ لِلْقِيَادَةِ، وَيُنَمِّي قِيَمَ الاِنْضِبَاطِ وَتَقْدِيرِ الْوَقْتِ، وَتَنْمِيَةِ الْمَهَارَاتِ الْفَرْدِيَّةِ وَالْجَمَاعِيَّةِ، وَاحْتِرَامِ الْقَادَةِ وَذَوِي الْخِبْرَاتِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى إِنْجَازَاتِ الأَجْيَالِ السَّابِقَةِ، وَيُكْسِبُ الشَّابَّ اللِّيَاقَةَ الْبَدَنِيَّةَ، وَأَسَالِيبَ الْحَيَاةِ الصِّحِّيَّةَ، وَيُعَلِّمُهُ الْمُثَابَرَةَ وَالتَّحَمُّلَ وَالثِّقَةَ بِالنَّفْسِ، وَيُمَكِّنُ شَبَابَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْقِيَامِ بِدَوْرِهِمْ فِي نُصْرَةِ الْحَقِّ، وَرَدِّ الْعُدْوَانِ، وَقَدْ قَدَّمَ أَبْنَاءُ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ صُورَةً مُشَرِّفَةً فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِمْ، فَكَانُوا عُنْوَانًا لِلْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ، وَرَمْزًا لِلتَّضْحِيَةِ وَالْفِدَاءِ، فَأَصْبَحَتِ الإِمَارَاتُ الْيَوْمَ أَقْوَى عَظْمًا وَأَغْلَظَ جِلْدًا. وَقْدَ أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الثُّلَّةِ الْمُبَارَكَةِ رِجَالاً فَاصْطَفَاهُمْ عِنْدَهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فَلَهُمْ مِنَّا الإِجْلاَلُ وَالتَّعْظِيمُ، وَمِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَالتَّكْرِيمُ، قَالَ سُبْحَانَهُ:( وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مَنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)([14]).
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ rمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([15]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ شَبَابَنَا وَسَدِّدْ خُطَاهُمْ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ وقُوَّاتِ التَّحَالُفِ الأَبْرَارَ، وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ. اللَّهُمَّ اجْزِ خَيْرَ الْجَزَاءِ أُمَّهَاتِ الشُّهَدَاءِ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ وَالاِسْتِقْرَارَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ، فَإِنَّهُ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَا سَيِّئَهَا، فَإِنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ.
اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ رَئِيسَ الدَّوْلَةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد، وَأَدِمْ عَلَيْهِ مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا وَلاَ مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ([16]).
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)([17])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)([18]).



([1]) الطور: 17.
([2]) الرعد: 23 - 24.
([3]) الكهف: 13.
([4]) متفق عليه.
([5]) المستدرك للحاكم : 4/306.
([6]) مريم : 12.
([7]) تفسير القرطبي : (11/86).
([8]) أحمد : 21587.
([9]) النحل : 43.
([10]) مقدمة صحيح مسلم .
([11]) محمد: 4 - 7 .
([12]) الترمذي: 1639 .
([13]) النساء : 59 .
([14]) آل عمران :157.
([15]) مسلم: 384.
([16]) يكررها الخطيب مرتين.
([17]) النحل : 90 .
([18]) العنكبوت : 45 .              
- من مسؤولية الخطيب :

No comments:

Post a Comment