فَضْلُ عَشْرِ
ذِي الْحِجَّةِ وَعَرَفَةَ
الْخُطْبَةُ
الأُولَى
الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَرَ عِبَادَهُ
بِذِكْرِهِ، وَوَعَدَهُمْ بِعَظِيمِ فَضْلِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ، يَقْبَلُ التَّائِبِينَ، وَيُعْطِي السَّائِلِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْبَشَرِ، خَيْرُ مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ وَشَكَرَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ وَاعْتَمَرَ، فَاللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ
الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ، قَالَ
سُبْحَانَهُ:( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)([1]).
أَيُّهَا
الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الأَيَّامِ
عَلَى بَعْضٍ، فَالْعَشْرُ الأَوَائِلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« أَفْضَلُ أَيَّامِ
الدُّنْيا أَيَّامُ الْعَشْرِ»([2]). وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، إِشَارَةً إِلَى جَلِيلِ قَدْرِهَا،
وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهَا؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ
عَشْرٍ)([3]) أَيْ: عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ([4]). وَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ؛ لِاجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ
فِيهَا([5])، فَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ، وَضَاعَفَ
فِيهَا أَجْرَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَثَوَابَهَا، قَالَ النَّبِيُّ r :« مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي
هَذِهِ؟». قَالُوا : وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ:« وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ
خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»([6]).
عِبَادَ اللَّهِ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؛ الإِكْثَارُ مِنَ الْعِبَادَاتِ
عَلَى اخْتِلاَفِ أَنْوَاعِهَا؛ مِنَ الصَّلاَةِ وَنَوَافِلِهَا كَصَلاَةِ
الضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
الْكَرِيمِ، وَذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ؛ قَالَ تَعَالَى:( وَيَذْكُرُوا اسْمَ
اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)([7]). أَيْ: أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ([8]). فَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، قَالَ
النَّبِيُّ r :« أَلاَ
أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ،
وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ
وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا
أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟». قَالُوا: بَلَى. قَالَ:« ذِكْرُ
اللَّهِ تَعَالَى». وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا شَيْءٌ
أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ([9]).
وَذِكْرُ اللَّهِ زَادُ الْمُؤْمِنِ فِي كُلِّ حَالٍ، قَالَ
النَّبِيُّ r :« مَنْ عَجَزَ مِنْكُمْ عَنِ اللَّيْلِ أَنْ يُكَابِدَهُ،
وَبَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَجَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُجَاهِدَهُ
فَلْيُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ»([10]).
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ فِي وَقْتِ الشِّدَّةِ
وَالْعُسْرِ، فَقَالَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً
فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)([11]) فَذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يُثَبِّتُ الْقُلُوبَ فِي الْمَوَاقِفِ الْعَصِيبَةِ،
وَالْمَآزِقِ الشَّدِيدَةِ، وَفِيهِ انْشِرَاحٌ لِلصَّدْرِ، وَذَهَابٌ لِلْهَمِّ وَالْغَمِّ،
وَسَعَادَةٌ لِلنَّفْسِ، وَطُمَأْنِينَةٌ لِلْقَلْبِ؛ قَالَ تَعَالَى:( الَّذِينَ
آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ)([12]). وَذِكْرُ اللَّهِ غِذَاءٌ لِلأَرْوَاحِ،
وَحَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ؛ قَالَ النَّبِيُّ r :« مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي
لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالْمَيِّتِ»([13]). وَوَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى الذَّاكِرِينَ بِكَرِيمِ الْعَطَاءِ، وَخَيْرِ
الْجَزَاءِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)([14]) وَمِنْ عَظِيمِ جَزَاءِ الذِّكْرِ وَشَرَفِهِ؛ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَذْكُرُ الذَّاكِرَ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)([15]) فَالسَّعِيدُ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الْمُبَارَكَاتِ
لِلطَّاعَاتِ، فَمَلأَ وَقْتَهُ بِالْبَاقِيَاتِ
الصَّالِحَاتِ؛ يَقُولُ تَعَالَى:( وَالْبَاقِيَاتُ
الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)([16]) وَهِيَ قَوْلُ: اللَّهُ أَكْبَرُ،
وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ([17]).
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَغَّبَنَا فِي الإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِهِ؛
فَقَالَ تَعَالَى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيرًا*
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)([18]). وَحَثَّ عَلَى الذِّكْرِ بَعْدَ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ لِيَكُونَ خَيْرَ خِتَامٍ،
فَقَالَ تَعَالَى عَنْ عِبَادَةِ الْحَجِّ:( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)([19]). وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَاتِ الصِّيَامِ:( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ
وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)([20]). وَالتَّكْبِيرُ مِنَ الذِّكْرِ، وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ فَقَدْ شُرِعَتْ لِلذِّكْرِ؛
قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ:( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)([21]). فَالصَّلاَةُ تَضَرُّعٌ
إِلَى اللَّهِ، وَقِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى
الصَّلَاةَ ذِكْرًا فِي قَوْلِهِ:( فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ)([22]). فَالصَّلاَةُ ذِكْرٌ.
أَيُّهَا الْمُصَلُّونَ: بَعْدَ أَيَّامٍ قَلاَئِلَ يَمُرُّ بِنَا يَوْمٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ، شَرَّفَهُ
اللَّهُ تَعَالَى وَعَظَّمَهُ، فَأَقْسَمَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ:(
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ* وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)([23]). وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ([24]). وَأَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِيَوْمِ عَرَفَةَ لِعِظَمِهِ وَشَرَفِهِ، وَاجْتِمَاعُ
الْمُسْلِمِينَ فِي صَعِيدِ عَرَفَاتٍ يُجَدِّدُ صِلَتَهُمْ بِخَالِقِهِمْ عَزَّ وَجَلَّ،
وَيَسْتَشْعِرُونَ الْحَشْرَ الأَعْظَمَ، فَيَبْتَهِلُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَضَرَّعُونَ،
يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ، وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ. وَالدُّعَاءُ فِيهِ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :« خَيْرُ الدُّعَاءِ
دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي:
لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ»([25]). فَلْنَتَوَجَّهْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّجَاءِ، فَهُوَ الْكَرِيمُ
الَّذِي لاَ يَرُدُّ سَائِلَهُ، قَالَ النَّبِيُّ r :« إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي
إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ»([26]). وَلْنَدْعُ لِقُوَّاتِنَا الْمُسَلَّحَةِ بِالنَّصْرِ وَالْعِزَّةِ وَالتَّأْيِيدِ،
وَلِلْحَاكِمِ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ، وَلأَبْنَائِنَا بِالْهِدَايَةِ وَالصَّلاَحِ،
وَالرُّشْدِ وَالنَّجَاحِ، وَلِمَوْتَانَا وَشُهَدَائِنَا بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ،
وَالدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ، وَلِمَرْضَانَا بِالشِّفَاءِ وَالْعَافِيَةِ. فَاللَّهُمَّ يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى، نَسْأَلُكَ الْخَيْرَ
كُلَّهُ لَنَا وَلأَهْلِنَا، وَلِدَوْلَةِ الإِمَارَاتِ وَلِلْحَاكِمِ، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَنَا، وَأَصْلِحْ شَأْنَنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا،
وَانْصُرْنَا عَلَى عَدُوِّنَا، وَوَفِّقْنَا
جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا
بِطَاعَتِهِ, عَمَلاً بِقَوْلِكَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)([27]).
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ
نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ،
فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ
الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ
لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ،
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى
التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ
وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ مَفْتُوحَةٌ، وَأَسْبَابَهَا
مَيْسُورَةٌ، بِاسْتِثْمَارِ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي الطَّاعَاتِ، فَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الْحَاجِّ صِيَامُهُ، لِيَكُونَ طُوَالَ يَوْمِهِ فِي
طَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ، فَيُغْفَرَ لَهُ ذَنْبُهُ، وَيُوضَعَ عَنْهُ وِزْرُهُ، قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ r :« صِيَامُ يَوْمِ
عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ
الَّتِي بَعْدَهُ»([28]). فَيَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ النَّفَحَاتِ وَالتَّجَلِيَّاتِ، يَغْفِرُ اللَّهُ
تَعَالَى فِيهِ لِعِبَادِهِ، وَيَرْفَعُ لَهُمْ الدَّرَجَاتِ، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ
نُكْثِرَ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ أَفْضَلُ مَا يَمْلأُ بِهِ
الإِنْسَانُ وَقْتَهُ، وَأَصْدَقُ مَا تَنْطِقُ بِهِ شَفَتَاهُ، وَهُوَ عَلاَمَةٌ عَلَى
صِحَّةِ الْقُلُوبِ، وَحُبِّهَا لِعَلاَّمِ الْغُيُوبِ،
فَاللِّسَانُ جُعِلَ عَلَى الْقَلْبِ دَلِيلاً، فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ عَامِرًا بِحُبِّ
اللَّهِ وَشُكْرِهِ؛ فَإِنَّهُ يَنْعَمُ بِأُنْسِهِ، وَيَنْطَلِقُ بِذِكْرِهِ، فَاللَّهُمَّ
اجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِينَ لَكَ كَثِيرًا.
هَذَا
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ،
قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([29]).
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْراً»([30]).
وَقَالَ r:« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([31]).
اللَّهُمَّ
صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ ارْحَمْ شُهَدَاءَ الْوَطَنِ الأَبْرَارَ،
وَأَنْزِلْهُمْ مَنَازِلَ الأَخْيَارِ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ فِي عِلِّيِّينَ
مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، يَا عَزِيزُ يَا غَفَّارُ. اللَّهُمَّ اجْزِ خَيْرَ الْجَزَاءِ أُمَّهَاتِ الشُّهَدَاءِ وَآبَاءَهُمْ وَزَوْجَاتِهِمْ
وَأَهْلِيهِمْ جَمِيعًا، وَأَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ وَالسُّلْوَانَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ
شُهَدَاءَ الإِمَارَاتِ وَالسُّعُودِيَّةِ وَالْبَحْرِين وَالْمَغْرِبِ فِي عِلِّيِّينَ مَعَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرْ قُوَّاتِ التَّحَالُفِ الْعَرَبِيِّ، الَّذِينَ
تَحَالَفُوا عَلَى رَدِّ الْحَقِّ إِلَى أَصْحَابِهِ، اللَّهُمَّ كُنْ
مَعَهُمْ وَأَيِّدْهُمْ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَهْلَ الْيَمَنِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ،
وَاجْمَعْهُمْ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَارْزُقْهُمُ الرَّخَاءَ
وَالاِسْتِقْرَارَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ
لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ،
وَلاَ دَيْنًا إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ
مَيِّتًا إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا
رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ
حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ
ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ الأَكْرَمِينَ.
اللَّهُمَّ
إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ،
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ لَنَا وَلِوَالدينَا، وَلِمَنْ لَهُ
حَقٌّ عَلَيْنَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ
وَفِّقْ رَئِيسَ الدَّوْلَةِ، الشَّيْخ خليفة بن زايد، وَأَدِمْ عَلَيْهِ
مَوْفُورَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْهُ يَا رَبَّنَا فِي حِفْظِكَ
وَعِنَايَتِكَ، وَوَفِّقِ اللَّهُمَّ نَائِبَهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ
لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ.
اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ
ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، وَالشَّيْخ مَكْتُوم، وَشُيُوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ
انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَدْخِلِ اللَّهُمَّ فِي عَفْوِكَ
وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا
وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ
إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ
وَلِوَالِدَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا، وَاغْفِرِ
اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ.
اللَّهُمَّ
اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ
بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلاَ تَدَعْ فِيْنَا وَلاَ مَعَنَا شَقِيًّا
وَلاَ مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ
احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ،
وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ([32]).
عِبَادَ اللَّهِ:( إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى
عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ)([33])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ
يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ( وَأَقِمِ الصَّلاَةَ
إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)([34]).
-
من مسؤولية الخطيب
:
ABU DHABI // Friday’s sermon will discuss the virtues of the 10 days of Dhu Al Hijja, which started on Tuesday.
These days hold a great importance in Islam and are considered some of the most important days of the year, alongside the last 10 days of Ramadan. These days are the most beloved to Allah because they combine more acts of worship than any other time, the sermon will say.
Ibn Abbas recounted that the Prophet Mohammed said: “There are no days in which righteous deeds are more beloved to Allah than these 10 days.”
The people then asked him: “Not even jihad for the sake of Allah?” He replied: “Not even jihad for the sake of Allah, except in the case of a man who went out to fight giving himself and his wealth up for the cause and came back with nothing.”
The Quran said that Allah even deemed these days worthy by devoting an oath to them – “By the Dawn and by the 10 Nights.”
The ninth day of Dhu Al Hijja, known as Day of Arafat, is the day when pilgrims stand on the Plain of Arafat to pray as they are performing their pilgrimage.
Many Muslims will spend the day fasting before the three days of festivity after Eid Al Adha, which is a celebration marking the end of the Haj commemorating Prophet Ibrahim’s willingness of sacrifice.
Abu Qatadah narrates that the Prophet Mohammed said regarding fasting during Arafat: “It expiates the sins of the past year and coming year.”
No comments:
Post a Comment