مَوْلِدُ الرَّحْمَةِ لِلْعَالَمِينَ
الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، شَمِلَ بِرَحْمَتِهِ
الْخَلْقَ أَجْمَعِينَ، وَخَتَمَ رِسَالاَتِهِ بِخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، نَحْمَدُهُ
سُبْحَانَهُ عَلَى إِسْبَاغِهِ النِّعَمَ، وَإِغْدَاقِهِ الْعَطَايَا وَالْمِنَنَ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَالْحَوْضِ
الْمَوْرُودِ، وَالشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ ونَفْسِي
بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً
تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)([1])
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الإِنْسَانَ وَفَضَّلَهُ عَلَى
كَثِيرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَمَنَحَهُ طَاقَاتٍ كَبِيرَةً، وَوَهَبَهُ صِفَاتٍ
عَظِيمَةً، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الأَنْبِيَاءَ والْمُرْسَلِينَ، لِهِدَايَتِهِ إِلَى
الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، قَالَ تَعَالَى:( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)([2]) فَقَامُوا عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ بِبِنَاءِ عَقِيدَةِ الإِنْسَانِ وَأَخْلاَقِهِ،
وَتَهْذِيبِ سُلُوكِهِ وَصِفَاتِهِ، وَتَنْمِيَةِ عَقْلِهِ وَمَلَكَاتِهِ، وَاسْتِغْلاَلِ
طَاقَاتِهِ وَقُدُرَاتِهِ، وَتَجْنِيبِهِ سُبُلَ الْغِوَايَةِ وَالْبَاطِلَ، لِيَكُونَ
الإِنْسَانَ الْفَاضِلَ، فِي خِلاَفَةِ الأَرْضِ وَعِمَارَتِهَا، وَاسْتِثْمَارِ خَيْرَاتِهَا،
وَبِنَاءِ حَضَارَتِهَا، وَالإِحْسَانِ إِلَى كَائِنَاتِهَا.
وَقَدْ خَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى رِسَالاَتِهِ، بِمَبْعَثِ
أَكْرَمِ رُسُلِهِ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ r الَّذِي نَعِيشُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ذِكْرَى مَوْلِدِهِ، فَقَدْ
عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَتَهُ، وَأَعْلَى ذِكْرَهُ، وَامْتَنَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ
تَعَالَى:( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)([3]) أَيْ: فَلاَ
أُذْكَرُ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي([4]) فِي شَهَادَةِ
(لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ) كَمَا قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ([5]) رضي الله عنه:
وَضَمَّ الإِلَهُ اسْمَ النَّبِيِّ
إِلَى اسْمِهِ إِذَا قَالَ فِي الخَمْسِ الْمُؤذِّنُ أشْهَدُ
فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى
لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ r مِنْ لِسَانِ الصِّدْقِ، وَالذِّكْرِ
الْحَسَنِ، وَالثَّنَاءِ الصَّالِحِ؛ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ لأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ،
تَعْظِيماً لِمَكَانَتِهِ، وَإِعْلاَءً لِقَدْرِهِ r وقَرَنَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ طَاعَةَ
رَسُولِهِ r بِطَاعَةِ اللَّهِ جَلَّ فِي عُلاَهُ فَقَالَ:( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ
فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)([6]) كَمَا أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ r بُرْهَانًا
على صِدْقِ حُبِّ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ:( قُلْ إِنْ
كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)([7])
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ حَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ r أَعْظَمَ رِسَالَةٍ مِنَ
السَّمَاءِ، إِلَى الإِنْسَانِيَّةِ جَمْعَاءَ، فِي زَمَنٍ سَالَتْ فِيهِ الدِّمَاءُ،
وَتَرَسَّخَتْ فِي نُفُوسِ النَّاسِ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ، فَكَانَ قَوِيُّهُمْ
يَأْكُلُ ضَعِيفَهُمْ، وَغَنِيُّهُمْ يَقْسُو عَلَى فَقِيرِهِمْ، وَسَيْطَرَتْ عَلَى
عُقُولِهِمُ الأَوْهَامُ وَالْخُرَافَاتُ، وَعَاشُوا فِي الظُّلُمَاتِ، فَبَعَثَ
اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ رَسُولَهُ مُحَمَّداً r لِيُبَدِّلَ جَهْلَهُمْ عِلْماً،
وَتَنَازُعَهُمْ أُلْفَةً، وَقَسْوَتَهُمْ رَحْمَةً، وَشَقَاءَهُمْ سَعَادَةً، وَظُلُمَاتِهِمْ
نُوراً، قَالَ تَعَالَى:( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ
بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ
بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)([8])
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا المسلمون أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ
اخْتَارَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ r مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ نَسَباً، وَأَزْكَاهُمْ أَصْلاً، وَأَعْظَمِهِمْ
شَرَفاً، قَالَ r:« إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ،
وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ،
وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»([9]) وَقَدْ
حَدَثَتْ فِي عَامِ مَوْلِدِهِ أَحْدَاثٌ وَعَلاَمَاتٌ، وَظَهَرَتْ آيَاتٌ عَظِيمَاتٌ،
وَمِنْهَا حَادِثَةُ الْفِيلِ حَيْثُ أَهْلَكَ اللَّهُ تَعَالَى أَبْرَهَةَ وَجُنْدَهُ،
وَمَنَعَهُمْ مِنْ هَدْمِ بَيِتِهِ الْحَرَامِ وَكَعْبَتِهِ الْمُشَرَّفَةِ، قَالَ
تَعَالَى:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ
رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ*
تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)([10]) وَقَدْ سُمِّيَ ذَلِكَ الْعَامُ بِعَامِ الْفِيلِ،
وَهُوَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ r ( وَإِنَّ أُمَّهُ r رَأَتْ
حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّامِ)([11])
وَقَدْ وُلِدَ r يَتِيمَ الأَبِ، وَمَاتَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ وَهُوَ فِي السَّادِسَةِ
مِنْ عُمُرِهِ، فَعَاشَ فِي كَنَفِ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّذِي فَارَقَ
الدُّنْيَا وَتَرَكَهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ، فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو
طَالِبٍ، وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيداً أَكْثَرَ مِنْ وَلَدِهِ، وَكَانَ لاَ
يَنَامُ إِلَّا إِلَى جَنْبِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ!
وَقَدْ صَحِبَهُ عَمُّهُ فِي تِجَارَةٍ إِلَى الشَّامِ، فَرَأَى كَيْفَ ظَلَّلَهُ
الْغَمَامُ r([12]).
فَشَبَّ مُحَمَّدٌ
r وَاللَّهُ تَعَالَى يَكْلَؤُهُ
وَيَحْفَظُهُ، لِمَا يُرِيدُ بِهِ مِنْ كَرَامَتِهِ وَرِسَالَتِهِ، فَكَانَ أَفْضَلَ
قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وَأَحْسَنَهُمْ أَخْلاَقاً، وَأَكْثَرَهُمْ حِلْماً، وَأَصْدَقَهُمْ
حَدِيثاً، وَأَعْظَمَهُمْ أَمَانَةً، حَتَّى عُرِفَ بَيْنَ قَوْمِهِ بِالأَمِينِ.
قَالَ تَعَالَى:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ
مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)([13])
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَلَمَّا بَلَغَ مُحَمَّدٌ r مِنْ
عُمُرِهِ الأَرْبَعِينَ، هَيَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِرِسَالَةِ الرَّحْمَةِ لِلْعَالَمِينَ،
فَصَارَ لاَ يَمرُّ بِحَجَرٍ وَلاَ شَجَرٍ إِلَّا نَادَاهُ قَائِلاً: السَّلاَمُ عَلَيْكَ
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي
الله عنها: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ r مِنَ
الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا
إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ،
وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ
اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ- قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ
وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ
لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ
الْمَلَكُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ
بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}([14])
فَقَامَ r يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلاً
وَنَهَاراً، يُبَلِّغُهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ تَعَالَى إِسْرَاراً وَجِهَاراً، حَتَّى
أَتَمَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الأَمْرَ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، قَالَ
تَعَالَى:( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)([15])
فَمَا فَارَقَ r الدُّنْيَا حَتَّى حَقَنَ دِمَاءَ النَّاسِ، وَصَانَ أَعْرَاضَهُمْ،
وَحَفِظَ حُقُوقَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَأَقَامَ الْعَدْلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَرَعَى
ضُعَفَاءَهُمْ، وَأَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَرَدَّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ،
وَأَكْرَمَ الْمَرْأَةَ وَأَعْلَى شَأْنَهَا، وَرَحِمَ الطُّفُولَةَ وَأَعْطَاهَا
حَقَّهَا، ووَحَّدَ النَّاسَ وَجَمَعَ كَلِمَتَهُمْ، وَعَمِلَ
عَلَى تَقْوِيَةِ أَوَاصِرِ الأُلْفَةِ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ r لَهُمْ:(
الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ)([16]) فَالأُلْفَةُ مَتَى اكْتَمَلَتْ أَرْكَانُهَا، وَتَوَحَّدَتْ لَبِنَاتُهَا،
أَثْمَرَتْ فِي النَّاسِ مَحَبَّةً وَتَعَاوُنًا، وَمَوَدَّةً وَتَلاَحُمًا، وَعَادَتْ
عَلَى الْمُجْتَمَعِ بِالْخَيْرَاتِ وَالْعَطَاءِ، وَالتَّقَدُّمِ وَالرَّخَاءِ، فَالْزَمُوا
وَحْدَةَ صَفِّكُمْ، وَتَلاَحُمَكُمْ مَعَ قِيَادَتِكُمْ.
اللَّهُمْ وَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَالتَّمَسُّكِ بِقِيَمِهِ، وَاتِّبَاعِ هَدْيِهِ
وَسُنَّتِهِ، وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلاً بقولِكَ:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ[([17])
نفعَنِي اللهُ
وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم .
أقولُ قولِي
هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ
الْخُطْبَةُ
الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ
إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أنَّ سيِّدَنَا محمَّداً
عبدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ
لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا
بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ رِسَالَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ r جَاءَتْ لِبَثِّ التَّرَاحُمِ وَالصَّفَاءِ، وَنَبْذِ
التَّفَرُّقِ وَالْبَغْضَاءِ، وَصِيَانَةِ حُقُوقِ الْغَيْرِ، وَإِشَاعَةِ النَّفْعِ
وَالْخَيْرِ، سِمَتُهَا الْيُسْرُ وَالاِعْتِدَالُ، وَالتَّوَسُّطُ فِي الأَقْوَالِ
وَالأَفْعَالِ، وَمَا أَحْوَجَنَا فِي ذِكْرَى مَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ r أَنْ نَتَخَلَّقَ بِأَخْلاَقِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛
فَفَضْلُ رَسُولِ اللَّهِ r عَلَيْنَا كَبِيرٌ، وَإِحْسَانُهُ إِلَيْنَا
كَثِيرٌ، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ، وَارْفَعُوا مِنْ قَدْرِهِ، وَعَلِّمُوا
أَوْلاَدَكُمْ شَمَائِلَهُ، ليقتدوا بِه r الَّذِي مَا تَرَكَ خَيْرًا إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلاَ
شَرًّا إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، وَمَا أَحْوَجَنَا إِلَى التَّمَسُّكِ بِهَدْيِهِ
r لِنَنْعَمَ بِحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ هَانِئَةٍ فِي
الدُّنْيَا، وَنَفُوزَ بِشَفَاعَتِهِ r وَنَحْظَى بَشَرْبَةٍ هَنِيئَةٍ مَرِيئَةٍ مِنْ يَدِهِ
الشَّرِيفَةِ فِي الآخِرَةِ.
عِبَادَ
اللَّهِ: وَمِنْ
أَوْجَبِ مَا نَقُومُ بِهِ وَنَحْنُ نَعِيشُ فِي هَذَا الْوَطَنِ الْعَزِيزِ أَنْ نَتَرَاحَمَ
فِيمَا بَيْنَنَا، وَنَشُدَّ عَلَى أَيْدِي بَعْضِنَا بَعْضاً، بِالتَّلاَحُمِ مَعَ
قِيَادَتِنَا، الَّتِي اقْتَدَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ r فِيمَا جَاءَ بِهِ، وَحَثَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّ وَطَنًا نَشَأَ الْوَاحِدُ
مِنَّا عَلَى تُرَابِهِ، وَجَادَ عَلَيْهِ بِعَطَائِهِ وَخَيْرَاتِهِ؛ لَحَرِيٌّ بِنَا
أَنْ نَعْتَزَّ بِمُكْتَسَبَاتِهِ، وَنَزِيدَ مِنْ إِنْجَازَاتِهِ، وَأَنْ نُحَافِظَ
عَلَى قِيَمِهِ وَأَصَالَتِهِ، وَعَادَاتِهِ وَآدَابِهِ، وَفَاءً بِحَقِّهِ، وَقِيَامًا
بَوَاجِبِنَا نَحْوَهُ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا
عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى:]إِنَّ
اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[([18])
وَقالَ رَسُولُ اللَّهِ r:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا
عَشْراً»([19])
وَقَالَ r :« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([20]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى
سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ
اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ
وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابِةِ الأَكْرَمِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ
تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ
الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا
الأَمْنَ وَالأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْعَالَمِينَ([21]).
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ
إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ
إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الجنةَ لنَا
ولوالدينَا، ولِمَنْ لهُ حقٌّ علينَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ فَإنَّهُ لاَ يَهْدِي
لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا فَإنَّهُ لاَ يَصْرِفُ
عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ.
اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ
لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، ولاَ دَيْنًا
إلاَّ قضيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ،
وَلاَ مَيِّتاً إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً
إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا
فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ
وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشَّيْخ خليفة وَنَائِبَهُ لِمَا تُحِبُّهُ
وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ.
اللَّهُمَّ اغفِرْ للمسلمينَ
والمسلماتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد،
والشَّيْخ مَكْتُوم، وإخوانَهُمَا شيوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى
رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْمَلْ بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا
وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا
مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى
نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ]وَأَقِمِ
الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ
اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ[([22])
Worshippers will hear that Allah honoured mankind by granting us prophets as guides. The last of these was the Prophet Mohammed, who raised mankind out of ignorance and into enlightenment.
The sermon will explain how Allah rewarded the Prophet Mohammed with many favourable traits, such as a good reputation, a respected family and a tongue that never lied.
Before the message of Islam was revealed to him, he was already known as The Honest, The Trustworthy.
“Allah’s Prophet carried the greatest message from the heavens to all of mankind, in an era when blood was shed, people were filled with hatred, the strong would eat the weak and the rich would oppress the poor,” says the sermon.
“He replaced their ignorance with knowledge, their dispute with compassion.”
The sermon will remind worshippers that the Prophet Mohammed’s father died before he was born, then his mother passed away when he was 6.
He went to live with his grandfather, who also died a few years later.
Then his uncle Abu Taleb raised him as one of his own, and loved him more than his own children.
“He took him with him for trade [a business trip] in the Levant and he saw how the clouds shaded his path,” the sermon will say.
The Prophet Mohammed grew up to be a man who was renowned for his courage, ethics, patience, honesty and integrity.
When he reached the age of 40, Allah prepared him for the revelation of the message, so every stone or tree he passed by would call to him “peace be upon you, Prophet of Allah”.
After this, he spent his life teaching people to follow the right path and spreading Allah’s message.
“Prophet Mohammed did not leave this life until he had stopped bloodshed, protected people’s honours, rights and money, and spread justice between them,” the sermon concludes.
No comments:
Post a Comment