Friday, January 3, 2014

KHUTBAH: PUT YOUR TRUST IN ALLAH



    الثِّقَةُ بِاللَّهِ تَعَالَى
    الْخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِلَيْهِ يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّونَ، وَيُنِيبُ الْمُنِيبُونَ، وَعَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْداً دَائِماً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ؛ وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، إِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، مَنْ وَثِقَ بِهِ نَجَا، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ وَثِقَ بِاللَّهِ وَاتَّقَى، وَدَلَّنَا عَلَى الْعُرْوَةِ الوُثْقَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)P([1])
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذَا الْكَوْنَ يَجْرِي وَفْقَ تَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَمُرَادِ الْخَبِيرِ الْحَكِيمِ، وَأَمْرِ الْخَالِقِ الْعَظِيمِ (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)([2]) فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُدَبِّرُ لِلْمَخْلُوقَاتِ، لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَوَاتِ، بِيَدِهِ خَزَائِنُ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ، قَالَ تَعَالَى:( وَإِن مِّنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ)([3]) فَخَزَائِنُهُ سُبْحَانَهُ مَلْأَى، لاَ تَنْفَدُ وَلاَ تَبْلَى، وَآلاَؤُهُ لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَخَيْرَاتُهُ لاَ تَزُولُ وَلاَ تَفْنَى، قَالَ r فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلاَ:( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ)([4])
فَمَا عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ إِلاَّ أَنْ تَسْأَلَ رَبَّكَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَتَثِقَ بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَرْجِعَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ([5]) قَالَ تَعَالَى:( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ)([6]) أَيْ: فَثِقْ بِرَبِّكَ فَإِنَّهُ كَافِيكَ، وَفَوِّضْ إِلَيْهِ أَمْرَكَ فَإِنَّهُ مُنَجِّيكَ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ كَافِلٌ مَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ، كَافٍ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ)([7])
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الثِّقَةَ بِاللَّهِ تَعَالَى نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَمِنْحَةٌ كَبِيرَةٌ، تَفْتَحُ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالأَمَلِ، وَتَدْفَعُ أَسْبَابَ الْيَأْسِ وَالْكَسَلِ، وَتُوجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ، وَالِإخْلاَصَ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّفْوِيضَ لِمَا قَضَى بِهِ رَبُّ الْعِبَادِ فِي الأَزَلِ، وَعِبَادَةَ اللَّهِ، وَالاِسْتِعَانَةَ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، كَمَا يَقْرَأُ الْمُسْلِمُ فِي كُلِّ صَلاَة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)([8]) أَيْ: مِنْكَ وَحْدَكَ يَا رَبَّنَا نَطْلُبُ الْمَعُونَةَ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا.
فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وَثِقَ بِرَبِّهِ، انْقَادَ لَهُ فِي كُلِّ أُمُورِهِ، وَفَوَّضَ الأَمْرَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِ، مُمْتَثِلاً قَوْلَهُ تَعَالَى:( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)([9]) فَيَا مَنْ وَثِقْتَ بِرَبِّكَ، وَفَوَّضْتَ إِلَيْهِ أَمْرَكَ؛ عَلَيْكَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ سُبْحَانَهُ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ دَخَلَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ يُرِيدُ عِيَادَتَهُ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ ظَنُّكَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: ظَنِّي بِاللَّهِ وَاللَّهِ حَسَنٌ. قَالَ: فَأَبْشِرْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يقُولُ: "قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا"([10]) فَظُنُوا بِاللَّهِ تَعَالَى الظَّنَّ الْحَسَنَ، وَثِقُوا بِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْمِنَنِ وَالْمِحَنِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الثِّقَةَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ هِيَ شِعَارُ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَدِثَارُ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ، فَهَذَا الْخَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ، يَضْرِبُ أَبْلَغَ الْمَثَلِ لِلثِّقَةِ وَالتَّسْلِيمِ (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)([11]) وَمِنْ كَمَالِ ثِقَتِهِ بِرَبِّهِ، وَتَمَامِ تَسْلِيمِهِ لأَمْرِهِ؛ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَوَّأَ لَهُ مَكَانَ الْبَيْتِ، مَضَى بِزَوْجَتِهِ هَاجَرَ وَبِطِفْلِهَا الرَّضِيعِ إِلَى قَفْرَاءَ قَاحِلَةٍ، بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا! فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا! فَقَالَتْ لَهُ: أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا اللَّهُ([12]).
يَا لَهَا مِنْ ثِقَةٍ رَاسِخَةٍ كَالْجِبَالِ، دَفَعَتْ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لِلتَّسْلِيمِ لأَمْرِ اللَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، فَعِنْدَمَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا لَنْ يُضَيِّعَنَا اللَّهُ؛ لَمْ يَكُنْ يَدُورُ فِي خَلَدِهَا أَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ سَتَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ ابْنِهَا، لِتَرْوِيَ ظَمَأَهَا وَتُشْبِعَ رَضِيعَهَا، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُرْسِلُ لَهَا الْمَلَكَ وَيَقُولُ لَهَا:( لاَ تَخَافي الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِيهِ هَذَا الْغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ) وَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقَدْ مَرَّتِ الأَيَّامُ، وَتَوَالَتِ الأَعْوَامُ، وَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ، وَأَصْبَحَ هَذَا الْبَيْتُ بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، تَهْوِي إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الْمَلاَيِينِ، وَيَحُجُّهُ النَّاسُ عَلَى مَرِّ الأَعْوَامِ وَالسِّنِينَ.
وَتِلْكَ مَرْيَمُ الطَّاهِرَةُ الصِّدِّيقَةُ، تَقَعُ فِي مِحْنَتِهَا الْعَصِيبَةِ، إِذْ حَمَلَتْ بِعِيسَى مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ وَلاَ رِيبَةٍ، بِمُعْجِزَةٍ رَبَّانِيَّةٍ عَجِيبَةٍ، فَخَشِيَتْ مِنَ اتِّهَامِ قَوْمِهَا، وَقَوْلِهِمْ بُهْتَاناً عَظِيماً بِحَقِّهَا، فَوَثِقَتْ بِوَحْيِ رَبِّهَا إِذْ قَالَ لَهَا:( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا* فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا* يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا* فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ)([13])
نَعَمْ لَقَدْ أَشَارَتْ عَلَيْهَا السَّلاَمُ إِلَى وَلِيدِهَا، وَاثِقَةً بِرَبِّهَا، دُونَ أَنْ تَدْرِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُنْطِقُ صَبِيَّهَا بِبَرَاءَتِهَا! ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلَامُ عَلَيَّ
يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)([14])
فَاعْلَمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ أَنَّ ثِقَتَكَ بِرَبِّكَ تَسْتَلْزِمُ أَنْ تَثِقَ بِكَلاَمِهِ، وَتَعْمَلَ بِقُرْآنِهِ، وَتَتَّبِعَ هَدْيَ نَبِيِّهِ r فَإذَا وَقَعْتَ فِي الْخَطَايَا فَأَقْبِلْ عَلَى غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ، وَاثِقاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى:( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ)([15]) وَإِذَا أَصَابَتْكَ الْبَلاَيَا وَالْكُرُبَاتُ، وَغَشِيَتْكَ الْخُطُوبُ وَالظُّلُمَاتُ، فَكُنْ مِنَ الْوَاثِقِينَ، الْمُقْتَدِينَ بِنَبِيِّ اللَّهِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ تَعَالَى:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)([16]) فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بِلُطْفِكَ مِنَ الْوَاثِقِينَ، وَبِرَحْمَتِكَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، وَوَفِّقْنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ مُحَمَّدٍ r وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرْتَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلاً بقولِكَ:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ[([17])   
نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم .
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ


الْخُطْبَةُ الثَّانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أنَّ سيِّدَنَا محمَّداً عبدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الثِّقَةَ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَعْنِي التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ، وَالْيَقِينَ بِمَا عِنْدَهُ، وَالْعَمَلَ بِمَا أَمَرَ بِهِ، وَالأَخْذَ بِالأَسْبَابِ الَّتِي شَرَعَهَا، وَلَقَدْ ضَرَبَتْ قِيَادَتُنَا الرَّشِيدَةُ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ الْمُعَاصِرَةِ لِلثَّقَةِ بِاللَّهِ، فَقَلَّمَا يَخْلُو حَدِيثُ مَنْ أَسَّسَهَا مِنْ كَلِمَاتٍ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ ثِقَتِهِ بِرَبِّهِ وَصِدْقِ تَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، فَرُغْمَ التَّحَدِّيَاتِ وَالْمَصَاعِبِ وَشُحِّ الْمِيَاهِ وَالْمَوَارِدِ؛ فَإِنَّ الْمُؤَسِّسَ الْقَائِدَ- بِثِقَتِهِ بِرَبِّهِ وَإِصْرَارِهِ وَعَزِيمَتِهِ وَعَمَلِهِ الدَّؤُوبِ وَإِتْقَانِهِ- حَوَّلَ الصَّحْرَاءَ إِلَى وَاحَةٍ خَضْرَاءَ، وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِالإِعْمَارِ وَالْبِنَاءِ، وَشَقَّ الطُّرُقَاتِ، وَبَنَى الْمَدَارِسَ وَالْمُسْتَشْفَيِاتِ، وَوَفَّرَ أَرْقَى الْخَدَمَاتِ، فَأَيْنَعَ ثَمَرُهُ، وَأَثْمَرَ غَرْسُهُ؛ حَتَّى أَضْحَتْ دَوْلَةُ الإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ مَأْوَى النَّابِهِينَ وَمَلاَذَ الآمِنِينَ، مُتَلاَحِمَةً مُسْتَقِرَّةً، يَنْعَمُ شَعْبُهَا بِالرَّخَاءِ، وَيَصِلُ خَيْرُهَا إِلَى سَائِرِ الأَرْجَاءِ، فَلْنَكُنْ وَاثِقِينَ بِرَبِّنَا، مُسَاهِمِينَ فِي اسْتِقْرَارِ وَطَنِنَا، مُتَلاَحِمِينَ مَعَ قِيَادَتِنَا، كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، قَالَ  تَعَالَى:] إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[([18]) وَقالَ رَسُولُ اللَّهِ rمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([19]) وَقَالَ rلاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([20]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابِةِ الأَكْرَمِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ إِنْ كُنَّا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا بِتَقْصِيرِنَا فَإِنَّ ثِقَتَنَا بِعَفْوِكَ تَسْبِقُنَا إِلَيْكَ، وَإِنْ قَصَّرْنَا فِي الْعَمَلِ وَبَذْلِ الْجُهْدِ فَإِنَّ ثِقَتَنَا بِتَوْفِيقِكَ لَنَا عَلَى مَا يُرْضِيكَ عَنَّا تَزِيدُ فِي جُهْدِنَا وَفِي إِقْبَالِنَا عَلَيْكَ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ دَوْلَةَ الإِمَارَاتِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَدِمْ عَلَيْهَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْعَالَمِينَ([21]).
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الجنةَ لنَا ولوالدينَا، ولِمَنْ لهُ حقٌّ علينَا، وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ فَإنَّهُ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا فَإنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ.
اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، ولاَ دَيْنًا إلاَّ قضيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ مَيِّتاً إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشَّيْخ خليفة وَنَائِبَهُ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ.
اللَّهُمَّ اغفِرْ للمسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ، اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، والشَّيْخ مَكْتُوم، وإخوانَهُمَا شيوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ، اللَّهُمَّ اشْمَلْ بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ]وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ[([22])


([1]) النساء: 131.
([2]) الأعراف: 54.
([3]) الحجر: 21.
([4]) مسلم: 4674.
([5]) انظر: شعب الإيمان للبيهقي 2/30.
([6]) هود: 123.
([7]) الزمر: 36.
([8]) الفاتحة: 5.
([9]) غافر: 44.
([10]) صحيح ابن حبان 2/407.
([11]) البقرة :131.
([12]) البخاري : 3364.
([13]) مريم : 26 - 29.
([14]) مريم : 29 - 33.
([15]) الشورى :25.
([16]) الأنبياء :87 - 88.

 Worshippers are reminded to put their ultimate trust in Allah in this week’s sermon.



“This entire universe is run by His wisdom ... Not a single matter or creature bypasses Him,” the sermon says.
Worshippers are told to have faith in the One whose knowledge and wisdom is above everything.
The sermon highlights incidents from the lives of various Prophets that demonstrate this trust.
When Hajar, the wife of Prophet Ibrahim, kept asking him why he left her and their infant son, Ismail, in the middle of the desert, at first he did not answer.
Then she asked him: “Did Allah order you to do this?”
When he said yes, she replied: “Then Allah will not lose us.”
Another example is when the Virgin Mary discovered she was pregnant with Prophet Isa (Jesus) without having had a relationship with any man.
The chapter in the Quran on Mary, known as Maryam in the holy book, explains how she replaced her worries and grief with faith in Allah, and indeed Allah proved her innocence in front of her people.
After she gave birth, the verses say: “She brought him [the baby] to her people, carrying him. They said: “O Mary! Indeed you have brought a Fariya [an unheard mighty thing].
“Your father was not a man who used to commit adultery, nor your mother was an unchaste woman.”
Then she pointed to him. They asked: “How can we talk to one who is a child in the cradle?”
“He [Isa] said: Verily! I am a slave of Allah, He has given me the Scripture and made me a Prophet.”
Worshippers will also be told that if you are positive in your belief in Allah, there will be positive outcomes in your life.
But if you have negative expectations, then there will be negative outcomes.

No comments:

Post a Comment